العقيدة الهندوسية(الكارما، التناسخ، التثليث، الاتحاد، وحدة الوجود)

 



*من دراسة "الرهبنة في العقائد الهندية" ل رغبد عبدالنبي جعفر المالكي

الكارما او قانون الجزاء:

وهو ان جميع اعمال البشر اختيارية، فالشهوة اقوى عامل في حياتنا، ولكن شهواتنا تؤثر على الآخرين، فنحن في اعمالنا التي تفرضها الشهوات، نحسن الى الاخرين او نسيء، فلابد ان ينطبق علينا قانون الجزاء، المسيطر على حياة سائر الاحياء الحرة في الكون (۳۷)، الا ان الهندوس لاحظوا من واقع الحياة أن الجزاء قد لا يقع، فالظالم لا ينتهي دون ان يقتص منه، والمحسن قد ينتهي قبل ان يحسن اليه، ولذلك لجأوا الى القول بتناسخ الارواح- الذي سنتناوله فيما بعد - ليقع الجزاء في الحياة القادمة اذا لم يتم في الحياة الحاضرة.
والظاهر ان فلسفة اليوغا حاولت تقريب موضوع الكارما إلى الأذهان، فتذكر أن حياتنا تكون سارة او غير سارة تبعا لما وضعنا لها من أسباب وبما قدّمنا من اعمال، وهذا يشبه ما يقال
عندما تقع مصيبة على شخص فاننا نقول : (من عمله اذا الجزاء من جنس العمل (۳۹). اليوغا (او (اليوجا) تعني اللقاء أي لقاء الانسان والله تعالى، فهي محاولة اخضاع النفس للنظام التقشفي المتزهد الذي يلتزمه ما يريد لنفسه من طهارة الروح من كل ادران المادة وقيودها، ويحقق ما يسمو على الطبيعة من ذكاء وقوة، ويتمثل ذلك من خلال حركات جسدية قاسية وصعبة جدا وتسمى (هاتايوغا)، وهذه العقيدة مشتركة عند جميع المذاهب الهندية لتحقيق هدفها السامي وهو الاتحاد بالالهة.

الانطلاق أو الاتحاد

العقائد الهندوسية مرتبطة مع بعضها البعض، ومبدأ الانطلاق وثيق الصلة بالمبدئين السابقين، وذلك لان معنى اكتمال الميول والشهوات هو توقفها بحيث لا يبقى له شهوة ولا ميلاً، بل يقنع بما حصل عليه ولا يتطلب مزيداً ، فاذا تم ذلك مع انقطاع عن الاعمال وعن علائق الدنيا وما فيها من ملاذ وعصيان تلك تستلزم تكرار المولد، فاذا تم له ذلك نجا من تكرار المولد وامتزج ببراهما، كما تندمج قطرة من الماء بالمحيط العظيم (0)

 وحدة الوجود

وتقسم هذه العقيدة الى عدة مراحل وصولا الى وحدة الوجود ١. المرحلة الأولى : أنهم كانوا يؤمنون بان في العالم قوة عظيمة، يلزم التقرب لها بالعبادة والقرابين، وكانت هذه القوة تسمى براهما .
٢. المرحلة الثانية: لم تعد القرابين المادية ضرورية بل حل محلها مراقبات على ظواهر
كونية تخيلها الناس ضحايا كالشمس والنار والهواء.
.
المرحلة الثالثة: راقب الانسان نفسه وتصورها قرباناً يوصل الى براهما (٤٦). ٤. المرحلة الرابعة تجردت المراقبات عن تصور القرابين، بل صار الناس يراقبون ت عن تصور القرابين، بل صار الناس يراقبون انفسهم على أنها القوة الكامنة العالمية المؤثرة، ثم وصلوا في التمثيل الى العينية واذعنوا ان النفس الشخصية هي عين القوة الحيوية العالمية او البراهما فصار المفكر والموضوع شيئاً واحداً (٤٧

 تناسخ الأرواح أو تجوال الروح أو تكرار المولد

يقصد بالتناسخ هو انتقال النفس الناطقة من بدن إلى بدن أخر (٤١). ويفسرها ابن الجوزي

فيقول: أن أرواح أهل الخير إذا خرجت دخلت في ابدان خيرة فاستراحت، وارواح اهل الشر إذا خرجت تدخل في ابدان شريرة فيتحمل عليها المشاق (٤٢)، والظاهر ان الهنود هم اشد الناس اعتقادا

في التناسخ، ويؤكد البيروني على ان التناسخ هو .. علم النحلة (٤) الهندية، فمن لم ينتحله لم يك

منها ولم يعد من جملتها ().

والراجح ان عقيدة التناسخ هذه هي من رسخت نظام الطبقات الشديد القساوة والذي

سنتناوله لاحقا.

 التثليث:

في حوالي القرن التاسع قبل الميلاد وصل فكر الكهنة الهنود الى ابراز هذه النتيجة، التي تقرب من التوحيد أو تصل اليه، فقد جمعوا الالهة (۱۸) في اله واحد ، وقالوا: أنه هو الذي اخرج العالم من ذاته، وهو الذي يحفظه الى ان يهلكه ويرده اليه واطلقوا عليه ثلاثة اسماء، (فشنو) الاله الحافظ و (سيفا) الاله المدمر والقاتل قد كونا بالاشتراك مع (براهما) الخلق بين الآلهة الثلاثة (4)، وبذلك كون ثلاثتهم ثالوثاً هندياً، فصار سيفا الاله المدمر هو الاله المعبود أكثر من زميليه

الآخرين، وهكذا فتح الكهنة الهنود الباب للنصارى فيما يسمى تثليث في وحدة، ووحدة في

تثلیث (٥٠)

والظاهر ان عبادة الهنود النسكية انحصرت في عبادة اليوغا والصوم (۱) وزيارة الأماكن

المقدسة (٥٢).

اما عن نظام الطبقات عند الهندوس فكان نظاماً مغلقا نشأ على اساس الجنس، فهو مفتوح

امام اعضاء الطبقات الثلاثة التي تعد أعلى مكانة ، ومحرمة على الطبقة الرابعة المنبوذة(۳)، وقد

قسمت الطبقات في الهند استنادا الى قوانين مانو

تعليقات