مختارات من شعر هلدرلين
إلى صديقاتي
أيتها البنات ، يا من تعرفن قلبي ، يا من تعرفت قدري !
إلى عيوني التي غالباً تذرف الدموع في الوادي ساعات الألم ،
إلى عيوني الحزينة هذه تطلعن.
حيث حزني الأبدي
شاكراً يحيي كل دقة ساعة
تقربني من القبر الأمين.
لكن بما أني حفظت قلبي،
صالحاً أميناً ونقياً في فوضى العالم ،
وبين الأشرار صادقاً ، بريئاً ،
فسعادة السماء تكون لأهل الألم .
أيتها البنات ! كن صالحات أيضاً ، نقيات وأمينات،
فقد ينتظركن ، أيتها النفوس الطيبة
قدر مثل قدري .
عند ذاك ، عزائي يقويكن في الآلام.
*
هدفي
أيها الرفاق ! يا رفاقي !
أنتم ، يا من تحبونني بإخلاص !
ما يكدر نظري المستوحش هكذا ؟
ما يرمي بقلبي المسكين في هذه السكينة
سكينة الموتى المغمورة بالسحب السوداء ؟
أهرب من أيديكم تصافحني برفق ،
ومن القبلة الأخوية بالروح ملأى وبالهناء.
آه ، لا تزعلوا من هروبي !
حدقوا إلى أعماقي ! تفحصوا واحكموا.
أهذا عطش شديد إلى كمال الرجال ؟
أم شهوة خفية للتكفير عن الضحايا الكثر ؟
أم حاسة ضعيفة لتحليق بندار ؟
أم حنين شديد إلى عظمة كلوبشتوك ؟
آه ، أيها الرفاق ! آية زاوية في الأرض تحجبني
حيث أبداً في الليل مغموراً أبكي ؟
فأنا بها لن ألحق :
بشهرة العظام الدائرة بسرعة حول العالم .
لكن ، لا ! صعوداً إلى طريق المجد الرائع !
صعوداً ! صعوداً ! بحلم متقد جربىء حتى بلوغهم
وأنا أموت يوماً علي أن أتمتم : أيها الصغار ، آنسوني.
هلدرلين
*
إنها تعيدنا إلى الشعر ، لأنها تنقذنا من أزمنة الضيق وتجعلنا نرى أن الكلمة الشعرية اكتشاف وتأسيس . في قصيدته : (ذکری )، يقول هلدرلن :
لكن ما يبقى ، يؤسسه الشعراء . الكلمة الشعرية تؤسس ما يبقى . لماذا ؟ لأنها تنقل لغة السماء إلى البشري ، تترجمها وتفتتح مناطق جديدة في الوجود . وهكذا يكون الشاعر جسراً بين السماء والأرض ، بين الآلهة والبشر . في قصيدته : « تحت الألب مغناة » يقول شاعر الشعر هلدرلن :
وحرا أريد ، ما يسمح الوقت
تفسيرك وغناءك ،
يا لغات السماء كلها.
فؤاد رفقة
تعليقات