الحلول في الحلاج- السعيد عبدالغني
السماوات تمتلىء بالألوان الفاكهية
رغم رؤياي الحزينة،
ألوان فارس والبيضاء
وألوان قلب التستري والجنيد.
والبياض الذي لبسته دوما
هويتي عندما أكون وحيدا،
في هاجسي ومواضيعه،
وشذر بي يظهر في الظل لا في الانوار.
أحتاج معاني تغلب العدم يا إلهي
أكتشفها من تجاربي وزهادتي
ولا أرثها من أي نص أو ذات،
ربما هو موتي وليس موتي بشكل عادي بل بالصلب.
أشعر بغربة شديدة مؤخرا
تفي بأغراض الفناء والاعتزال بأنواعه،
أشعر بغربة تساوي بين كل شيء جماليا
وتساويه باللاشيء.
ولكن شهودك الأخير قبل فنائي تماما.
أرأيت أنت الاستثناء الوحيد بعد كل نفي كامل
أو إثبات كامل؟
أشعر بغربة عن زوجتي التي عاشرت
وأولادي الذين من صلب جسدي لا ألفي ويائي.
أشعر بغربة عن الشبلي الذي شاركني الشطح يوما
وعاد بعد بعض الضفاف.
الحجرة مغلقة
والفضاء محكم أيضا يا إلهي بقوة حدسي.
المسجد هنا في قلبي
إن أردت دخلته،
وإن خرجت منه خرجت من ذاتي.
ولكني أرى صلبي الآن قبل موعِده
ولا أخاف من عذابي.
هل تختبرني لتعرِف لائي؟
عصيت العالم أجمع لأطيعك
لا لخوف ولا لرجاء بل لحق الجمال فيك.
أنا الحلاج.
لا أعرف نسب أنا
ولا أعتد بهوية أي ضمير متكلم
لكن لدرأ التيه بين الناس أستخدم أنا وإني...
نشأت بين رغبتي وزهدي،
بين مجازات الحضارة الفارسية والعربية.
الآن أطلع على صليبي أخيرا
وأكتشف كل شيء عليه.
الأحباب كانوا حواريني،
كانوا في الظلال.
فلا تثق يا رائيني ولا يا قارئني
بنهد أرضعك أو كيان أرضعت،
سينبذوك
وخطوتك الوحيدة التي تمشيها دوما لوحدتك.
كنت أظن أن الصليب أرض الدفء الوحيدة،
لكنها أيضا أرض اغتراب.
مغترب،
من قلة الدفء الشعوري وغياب المنادِينَ في الليل
واحتجاب المطلق الشافي.
مغترب مات أعدائي وفقدت معناي العنيف والراقي.
مغتربا لا الهه لي حية أو ميتة
ومهما سبّحت للحزن ليلا،
عصيته في الحضرات
وعشت وعاش قلبي في اختلافات.
الشبلي حبيبي يقف مرتعدا من أن أنادِيه بعيني أو بالبالِ. مغترب،
مفاصلي تصطك من البيون بين ذاتي،
ولا أتمايز بين القتلة وذاتي.
رأسي برأسي العالم
وناسوتي من دون ودّن اللاهوت.
مغترب والذات تشقى بوصفها لنفسها
وتنشد علاقة مع لغتها لا تكن فيها هي.
مغترب والتصاوير تحملني من منفى إلى منفى
وتَكرهني المحطات.
مغترب، وأنصهر في كل شيء
حتى في سوط جلادي.
مغترب رغم أني قرين كل ذات عند رؤيتها لذاتها وذات، فما معنى الكمال سوى تجميع النثار؟
مغترب كسدت ذاتي وصوري
ورغم ذلك وسط الاوطان جميعها منفتحا
لمن أراد بوحا ولم تكفله اللغات والناس.
مغترب وحضوري في الأشياء دوما
وغيابي عن ذاتي.
مغترب رغم اجتماعي بروح العالم الهائمة في الزوايا والانواء
تعليقات