"حين اتّهم سارتر الشعراء... من كان على حق؟
"حين اتّهم سارتر الشعراء... من كان على حق؟
السعيد عبدالغني
تتأسس الفلسفة – في جوهرها – على فعل الرجوع. رجوعٌ إلى ما سبق من أفكار ومرويات ومواقف وجودية. لا تنشأ من الفراغ، بل تنهض على أسئلة الميثولوجيا، وعلى صدى الشعر، وعلى تصورات الميتافيزيقا، وعلى الأديان. تتخذ الفلسفة من التراث مادتها الأولية، وتمد جذورها في هذا العمق التاريخي الذي يُسمّى: الذاكرة الحضارية.
لكن أيُّ تراثٍ يُستدعى؟ وأيُّ عناصر تُستبعد؟ وهل يكون هذا الاختيار اعتباطيًا، أم مؤطرًا بمحددات أيديولوجية، أو بذوقٍ فلسفي خاص؟
لا تكتفي الفلسفة بالتراث الفلسفي الخالص، كما في قراءة أفلاطون وأرسطو وديكارت وكانط، بل كثيرًا ما تبدأ من نقاط تماس مع الميثولوجيا (كما فعل نيتشه مع ديونيسوس وأبولّو)، أو مع الشعر (كما نجد عند هايدغر مع هولدرلين)، أو حتى من الفن (كما فعل إدواردو غاليانو وهو يكتب عن الإنسان من خلال كرة القدم، أو كما كتب فالتر بنيامين عن الصور والأزمنة).
أو كما فعل محمد عابد الجابري في نقد العقل العربي، و حسن حنفي في التراث والتجديد.
قد يكون التراث الذي يُبنى عليه المشروع الفلسفي نصًا أدبيًا منسيًا. كما في الشعر القديم أو النصوص الدينية أو الروايات. المسألة لا تكمن في "قدسية المصدر"، بل في قابلية المصدر للتأويل، وفي ما يتيحه من فتحات لفهم الإنسان والعالم.
لا يختار الفيلسوف تراثه كما يختار البائع سلعته. بل هو يُشدّ إليه شداً. يُفتن به، يلاحقه، يحاول أن يفككه ليبني عليه تصوره للزمن، والذات، والمعنى. وهنا يُطرح سؤال آخر: هل التراث الذي يُؤسَّس عليه يجب أن يكون "عقلانياً" فقط؟ أم أن الشعر والأسطورة والخيال والعاطفة تدخل ضمن بنية المعرفة؟
إن الاقتصار على التراث العقلي وحده، كما فعل بعض الفلاسفة الوضعيين، يفرغ الفلسفة من إنسانيتها. بينما الإقرار بثراء الشعر والأسطورة والفن – لا بوصفها أنظمة تعبيرية فحسب، بل كبنى تأويلية عميقة – يفتح للفلسفة أفقاً أرحب.
فما الشعر سوى فلسفة بوسائل أخرى في جانب ما؟ وما الميثولوجيا سوى قراءة أولى للكون بلغة الرموز والدهشة؟
اختيار التراث إذًا، هو عمل تأويلي بامتياز. ليس مجرد قرار، بل فعل انخراط. ويصبح الفيلسوف بذلك وريثًا مختارًا لتراثٍ ينتقيه لا ليُقلده، بل ليُعيد خلقه.
طرق تناول مالارميه: بين الشعر والفلسفة
تتباين طرق التفكير الفلسفي بحسب الخلفيات الأيديولوجية المختلفة: دينية، فكرية، سياسية أو حتى وجودية محضة. لا يظهر هذا التباين فقط في نتائج الفلسفة، بل في أدواتها، وفي طريقة انتقائها للنصوص والشخصيات والمفاهيم التي تراها جديرة بأن تُقرأ وتُؤوَّل وتُعاد صياغتها. فلا يقرأ كل فيلسوف التراث كمادة محايدة، بل بوصفه حقلًا ديناميكيًا يُعيد من خلاله إنتاج المعرفة وفق منظوره الخاص، حتى لو كان ذلك يتضمن نفيًا لما هو مستقر ورائج.
ضمن هذا السياق، يصبح الشاعر الفرنسي ستيفان مالارميه (Stéphane Mallarmé) نموذجًا بالغ الدلالة. فهو ليس فقط شاعرًا حداثيًا مثيرًا للجدل، بل رمزًا يُستدعى مرارًا وتكرارًا في الفلسفات المعاصرة، خصوصًا التي تُعيد مساءلة العلاقة بين اللغة، المعنى، الحضور، والغياب.
لكن اللافت في طرق تناول مالارميه، أنه لا يُقرأ دائمًا ضمن مجاله الأصلي، أي الأدب أو الشعر. بل يُسحب إلى فضاء الفلسفة، ويُستخدم بوصفه عتبة إبستمولوجية للتفكير في قضايا تتجاوز النصوص الشعرية ذاتها: اللغة كأثر، الكلمة كغياب، العلامة كفراغ.
مالارميه: شاعر اللغة المنفلتة
في أبسط تحليل للاهتمام الأوروبي الواسع بمالارميه، يمكننا القول إن الرجل أصبح أشبه بـ"مفتاح رمزي" لفهم التحولات الحداثية في الشعر وفي الفكر معًا. فشعره، القائم على الكثافة الرمزية والانزياح اللغوي، لم يكن مجرد تمرد على البلاغة الكلاسيكية، بل إعلان موت لنمط معين من اليقين اللغوي – وهو ما التقطه لاحقًا مفكرين وشعراء كبار من أمثال بول فاليري، جاك دريدا، ميشيل فوكو، جان لوك نانسي، جورج باتاي، وموريس بلانشو.
فلا يقرأ مالارميه بوصفه شاعرًا فقط، بل كمنظّر لماهية اللغة ذاتها. وبالتالي، فإن الفلاسفة الذين يتناولون مالارميه لا يهمهم شعره كفن فقط، بل كساحة اشتباك بين اللغة والوجود، بين القول والصمت، بين الدال والمدلول.
شعراء غير معروفين... لكنهم عميقو التأثير كمالارميه
في الم الأدب، لا تتحدد قيمة الشاعر بمدى شهرته أو شعبيته الجماهيرية، بل بعمق تأثيره في المفكرين والكتّاب والفلاسفة. هناك شعراء ظلوا على هامش الاهتمام الجماهيري، لكن أعمالهم محل تقدير وتأمل شديدين داخل الأوساط الفكرية والأكاديمية. من بين هؤلاء يبرز ستيفان مالارميه بوصفه النموذج الأبرز لهذا النمط من الشعراء.
ومثله، هناك شعراء آخرون نالوا اهتمامًا فلسفيًا أو نقديًا خاصًا رغم محدودية شهرتهم العامة، مثل:
- فريدريش هولدرلن (ألمانيا): شاعر الألم والعزلة، أثر في هايدغر والفكر الوجودي.
- جورج تراكِل (النمسا): شاعر سوداوي، تمت قراءته فلسفيًا ضمن مفاهيم الغياب والانهيار.
- بول فاليري (فرنسا): شعره موضع دراسة معمّقة عن علاقة الشكل بالمعنى.
- ريلكه (ألمانيا): تمت قراءة شعره من منظور الوجود والفناء في الفلسفة الظاهراتية.
لكن لماذا مالارميه بالذات يحظى بهذا التقدير الفلسفي العميق؟
- اللغة بوصفها مركز مشروعه الشعري: لم يتعامل مالارميه مع الشعر كوسيلة تعبيرية عن مشاعر أو وقائع، بل كحقل لغوي مغلق على ذاته. سعى إلى "نقاء اللغة"، إلى شعر لا يحكي بل يُكوِّن عالمًا. لذا شعره معقّد، ملَغز، لا يُعطي معنى جاهزًا، بل يتطلب من القارئ أن يخلق المعنى معه
- ريادة حداثية فكرية: يُعتبر مالارميه أحد آباء الحداثة الشعرية في أوروبا. لم يُحدِث ثورة في الشكل فقط، بل في التصور الجمالي للقصيدة: القصيدة ليست انعكاسًا للعالم، بل هي حدث لغوي مستقل.
- التقاطع مع الفلسفة: وجد الفلاسفة في شعره تربة خصبة لمفاهيم فلسفية جديدة: ك الغياب والفراغ (كما عند بلانشو ودريدا) و تفكيك مركزية المعنى و نهاية الحضور وبداية الكتابة كأثر قصيدته الشهيرة "رمية نرد أبدًا لا تُبطل الصدفة" تحوّلت إلى نص مرجعي في تحليل مفاهيم اللعب، والاحتمال، والتأويل.\
- تأثيره على الفكر ما بعد الحداثي: ليس مالارميه شاعر عصره فقط، بل استُعيد بقوة في القرن العشرين، خصوصًا عند البنيويين والتفكيكيين. أصبح جزءًا من "مكتبة الفلاسفة"، لا الشعراء فقط. هو مثال لشاعر لا يُقرَأ بحثًا عن المتعة الجمالية السهلة، بل لاستكشاف حدود اللغة والفكر. وقدرته على إثارة أسئلة فلسفية عبر اللغة الشعرية جعلته حجر زاوية في تفكير أدبي-فلسفي لا يزال مؤثرًا حتى اليوم.
سارتر وشاعر العدم
اهتم سارتر بالعديد من الشعراء والروائيين في فرنسا من جان جينيه ل فلوبير وأفرد لهم كتبا كاملة "القديس جينيه: الممثل والشهيد 1952" وكتاب "أبله العائلة" عن فلوبير الذي تجاوز الألفي صفحة وكتاب "مالارميه شاعر العدم".
يتناول مالارميه بنقد وتحليل ماركسي مبني على تشريح ظروفه الاجتماعية، وإرجاع اختياراته الجمالية وموضوعاته الفنية لذلك.
التحليل المبني على علاقة الذات وبيئتها، تأثير ذلك عليها اجتماعيا، بفلسفته الوجودية المتفائلة على عكس الوجوديين الآخرين من كامو وهيدجر" بعدما اعتبرها فلسفة تفاؤلية على عكس من قالوا إنها فلسفة تشاؤمية، هي العكس في صميمها تضع الإنسان مواجها لذاته حرا يختار لنفسه ما يشاء وأن يحقق إرادته ويواجه مسؤولياته والتزاماته" [1] من خلال بعض العناصر الرئيسية:
- انتمائه لحركة الفن للفن" البرناسية
- الشعراء بورجوازية صغيرة، وعملاء الثورة المضادة
- آثار إلحاد القرن التاسع عشر على الشِعر والشعراء
- التشاؤم والتعالي
حركة الفن للفن " البرناسية "
انتمى مالارميه لحركة الفن للفن" البرناسية " الداعية لاعتبار الأدب غاية في حد ذاته. تمتنع الحركة عن استعمال الفن لعلاج القضايا الاجتماعية والسياسية.
بينما يوظِف سارتر الشاعر أو الكاتب كفاعل سياسي، يُعطي الغاية للفن في التغيير السياسي. "يحاول أن يحاكم السائد والمنتشر بين الجماهير لأنهم يلومونه برؤية سطحية دون استعمال العقل ولا النقد الداخلي، بل هدفهم هو استهلاك السائد والانغماس في الغربة والعزلة."[2]
هذا النقد لمالارميه بالخصوص بعيدا عن أعضاء الحركة الآخرين مثل لوكونت دو ليزي، لأنه أكثرهم تنظيرا واعتناقا لمفاهيم الحركة.
الشعراء برجوازية صغيرة، وعملاء الثورة المضادة
يجادل سارتر في تحليله للقرن التاسع عشر أن العلم ألغى التسلسل الهرمي الذي تعتمد عليه الأرستقراطية والبرجوازية والسلطة الدينية من خلال مساواته لجميع الناس، و تأكيده على إمكانية نقل الحقيقة.
يعتبر الشعراء بورجوازية صغيرة، تنزع إلى تمييز نفسها عن الشعب و البرجوازية المعروفة، على الرغم من تنازلها المشترَك مع البروليتاريا عن التعبير عن أفكارها، واتفاقها مع البرجوازية المعروفة في التعالي.
يتجلى التمييز في:
- الحرمان الذي تفرضه على ذاتها، والمحرمات التي تثيرها.
- الرفض الشامل الذي ينفي رغباتهم الشخصية، رفض تحديد أنفسهم بالسمات الفردية الواقعية لشخصيتهم، احتقار الجماهير.
يُعلِق سارتر ساخرا ببعض المجازات المقتبسة من مالارميه وغيره في أنحاء الكتاب كله حتى تظن أنه شاعر، ليسخر من برجوازيتهم" مهتم بشكل خاص بالحفاظ على النظام، لأنه لن يكون قادرا على الاستماع إلى همهمات عبقريته بينما قبضة من حديد لم تُهدئ الضجيج في الخارج." [3]
يصفه في منطقة أخرى بأنه عميل" مضاد" للثورة التي حدثت سنة ١٩٤٨ وأسقطت الملكية، وعرّت البرجوازية والشعراء.
البرجوازية التي منحته الحياة وغذّته، ينادي بآلياتها في ضرورة منع نشر التعليم" هناك شيء واحد انتشر مع نشر التعليم الابتدائي وهو الجريمة" [4]
في محاولة لمقاومة ما يُهدِد تفوق البرجوازية، وحصر الجمال بعيدا، كما يعلق سارتر ساخرا" كان الشعراء يترددون فقط على الشعراء" تحويل الجمال مبدأ انتقائي جديد، في متناول بعض الأشخاص المميزة فقط.
آثار إلحاد القرن التاسع عشر على الشِعر والشعراء
انهارت قيمة الشعراء مع الإلحاد فقد أخذوا قيمتهم من الله سابقا، قصائدهم تم تقييمها أنها وحي و إلهام. ساوى العلم الطبقات جميعها بدون أفضلية وراثية أو منتخبة، نزع تمييزهم كشعراء وبرجوازية.
" يفقد الشعر موضوعَيه التقليديين: الإنسان والله. رأوا الفكرة الإلهية تتضاءل فجأة، انطفأت الأضواء السماوية وأصبحت الحقيقة الأفلاطونية وهما. فقدوا كل شيء: قبل أن يتمكنوا من فهم هذه الخدعة: الموضوع الرئيسي لتأملاتهم الشعرية، وضمانة عبقريتهم، ورُتبتهم ووسائل عيشهم. حتى ذلك الحين، يبدو لهم الشعر الجميل حدث مطلق، يهز العالم المعقول" [5] دخل الإلحاد في ايدلوجيتهم الفنية، غياب المطلق الجمالي والأخلاقي، ولم ينتهي في ندائهم واستحضارهم للإله في قصائدهم. أصبحت قيمتهم مرهونة بالناس، الذين يحتقروهم، فجعلوا تشاؤمهم موضوعهم الجديد الأكبر
التشاؤم والتعالي: حين يُصبح الحطّ من العالم وسيلة لرفع الذات
في عالم لا يُعترف فيه بالفرادات، حيث الجميع صور مادية تافهة ومتساوية. يلجأ البعض إلى تحويل البؤس الشخصي إلى عقيدة تعالٍ باطني. لا يقبلون العالم كما هو، ولا يقبلون أنفسهم ضمن صفوف البشر العاديين. لذا يستدعون التشاؤم كدرع سحري لحماية مقدساتهم الداخلية من التدنيس.
1. التشاؤم كعقيدة مختارة:
ليس التشاؤم مجرّد مزاج سوداوي، بل اختيارًا فلسفيًا يُحوّل الألم إلى فضيلة. فمن خلال المعاناة، يُعيد الشخص إنتاج معنى مقدّس لحياته، كأن الألم هو الخيط الوحيد الذي يربطه بما وراء العالم، ويمنحه شرعية تفوق البشر الآخرين.
لقد حول لاهوتهم السلبي معاناتهم وعدم رضاهم إلى علامات اختيار أي أن البؤس لم يعد مجرد شقاء، بل أصبح دليلًا على أنهم ليسوا من هذا العالم، كأنهم أنبياء للعدمية.
2. أدوات التشاؤم:
- المرض كامتياز: حين يتحول الجسد الضعيف إلى علامة عمق روحي، فيُنظر إلى المرض كـ"تجربة تطهيرية" تميّزهم عن الجسد السليم المنغمس في الحياة.
- الزهد كأداء رمزي: ليس الزهد هنا فعلًا نقيًا، بل وسيلة لتأكيد تفوق الذات عبر الحرمان، وكأن المتع الحسية تُدنّس الروح.
- تأديب الجسد: ليست كراهية الجسد فقط دينية أو أخلاقية، بل هي رغبة في سحق العامل الحيّ داخله، ذلك الذي لا يزال يتشبث بلذة الحياة.
- الكتابة بلغة غير مفهومة: الغموض المتعمد ليس إبداعًا، بل تكتيك للانفصال عن الجماهير، رغبة في الحفاظ على "طهارة الذات" من التواصل الفجّ.
3. شعور الضحية كأداة تعالٍ: لا تكتفي الذات المتشائمة بأن تكون حزينة، بل تحوّل حزنها إلى هوية روحية ضاغطة. تظلّ ضحية العالم، وضحية العقل، وضحية الجسد، لكنها في داخلها تشعر أنها تختزن مقدسًا سريًا مختبئًا، وأن الحياة – كما تُعاش من قبل الآخرين – ليست سوى مهزلة. "الموافقة على الحياة لن تكون أكثر من تدنيس مقدساتنا"
ليس رفض العالم هنا تمرّدًا سياسيًا أو نقدًا عقلانيًا، بل فعل كراهية صامتة للحياة ذاتها، كأن قبول العالم جريمة ضد الذات الرفيعة.
4. الوجه المضاد: وهم التعالي
لكن، أليس هذا التشاؤم نفسه شكلًا من الاستعلاء المضاد؟ في اللحظة التي يُحوّل فيها الفرد فشله أو عزلته إلى ميزة روحية، فهو يتورط في تصعيد أناه المتألمة إلى مقام النبوءة أو الشهادة. ربما هو تعالٍ بلا مشروع، واستعلاء يتغذى على العدم، حيث يرفض الإنسان العالم لأنه لا يتحمّل أن يكون "واحدًا من الكل".
يصبح التشاؤم استراتيجية نفسية لتبرير الذات أمام الانهيار، لتفادي الابتذال، و للحفاظ على صورة "الذات المختارة". مقاومة صامتة، لكنها تنتهي غالبًا إلى عبادة الألم، لا تجاوزه.
المراجع:
- الفن والجمال في الفلسفة الوجودية سارتر (نموذجا) محبوب أميرة
- جان بول سارتر بين الإبداع الركحي والوجود الانساني، د. الغزيوي بوعلي
- Mallarmé, or the Poet of Nothingness By Jean-Paul Sartre
- Guillemin Henri. Le coup du 2 dècembre
- Mallarmé, or the Poet of Nothingness By Jean-Paul Sartre
- Mallarmé, or the Poet of Nothingness By Jean-Paul Sartre
تعليقات